احذر.. الداخلية تفتش موبايلات المصريين بالقانون







كانت الساعة تشير الى الرابعة عصرًا تمامًا بمحطة مترو العتبة، قبل أن يستوقفنا أحد رجال الشرطة بالزى المدنى فى المحطة قائلًا فى حزم شديد: «ممكن بطاقتك يا أستاذ؟».. فكان جوابى له: «يا باشا خير» فأجاب فى روتين (كل خير) قبل أن يعقب فى نفس الصرامة و«هات تليفونك كمان»، فأجبته: «أنت عايز تعمل مكالمة؟» فكان رده بكل سخرية: «لا إنت شكلك إخوان بدقنك دى»، فأجبت عليه: «لا يا أفندم الدقن دى استيل وكده وحركات شباب»، وهنا زاد غضبه وتغيرت نبره صوته «متعطلناش يا أستاذ هات التليفون»، وأخذ يبحث فى الهاتف فى الرسائل والصور ومقاطع الفيديو وفى نهاية قال: «اتفضل متشكرين».

من هنا بدأت رحلة البحث عن سبب تفتيش الهواتف المحمولة بالمترو، وهل من حق رجال الشرطة البحث فى تليفون أى مواطن منتهكا خصوصيته وتفتيش محتواه والإطلاع على أسرار عائلية وصور خاصة؟.. فكانت المفاجأة التى أكدها لنا مصدر أمنى بشرطة النقل والمواصلات أنه تم التنبيه على القوات ورجال المباحث بتوسيع ما يسمى «دائرة الاشتباه السياسي والجنائى والوجود الأمنى الفعال بالمواقع فى نطاق الاختصاص»، وذلك بتفتيش الحقائب المشتبه بها تحت إشرافهم الشخصى ومداومة المرور، والإخطار الفورى فى حالة العثور على جسم غريب مع اتخاذ الإجراءات اللازمة وخدمات الحماية المدنية والجهات الأمنية المعنية وذلك بتعلميات من وزارة الداخلية مباشرة، مضيفًا أن هذا الأسلوب أسقط عددًا كبيرًا من عناصر الإخوان بمحطات المترو.

فحص تليفونات المواطنين قاد الشرطة الى القبض على عدد كبير من الإخوان مثلما أشار المصدر الأمني، منها على سبيل المثال، ضبط إخوانى فى أثناء تواجده بمحطة مترو الشهداء وبحوزته صور وفيديوهات مسيئة للجيش والشرطة.


أبو بكر البغدادي فى المترو

كما ضبطت قوات الأمن طالبا إخوانيا داخل مترو الأنفاق بحوزته صور لأبو بكر البغدادي، زعيم داعش، ورموزا أخرى من تنظيم القاعدة، وبعض القيادات الإخوانية والسلفية، عقب اشتباه الخدمة الأمنية المعينة بمحطة منشية الصدر فى شخص وتم إيقافه، وتبين أنه يدعى «إسلام.م»، 19 سنة، طالب، مقيم بدائرة مركز شرطة أبو كبير بمحافظة الشرقية، وتم فحص متعلقاته وعثر بحوزته على جواز سفر باسم «عبد الرحمن.ا» وهاتف محمول تم فحصه وعثر بداخله على صور مسيئة لنظام الحكم، وأخرى لأبو بكر البغدادى، زعيم تنظيم داعش الإرهابى، وصورة لزعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، وزعيمه الحالى أيمن الظواهرى وهم يحملون السلاح، وصورة للقيادى السلفى محمد حسين يعقوب، فضلا عن صور لبعض الأشخاص يحملون علامة رابعة.

وكشفت التحريات أن المتهم كان يعقد العزم على ارتكاب أعمال تخريبية بالبلاد، وتم التنسيق مع قطاع الأمن الوطنى للتحقيق مع المتهم، وأمر اللواء السيد جاد الحق، مساعد وزير الداخلية لشرطة النقل والمواصلات، باحالته إلى النيابة.


علامات الريبة أسقطت المسيء للرئيس

وفى محطة حلوان تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط إخوانى، بحوزته صور مسيئة للرئيس عبد الفتاح السيسى ومقاطع فيديو لمسيرات الجماعة الإرهابية، عندما اشتبهت الخدمة الأمنية المعينة بالمحطة، فى شخص بدت عليه علامات الريبة والتوتر، فى أثناء دخوله صالة الخروج، وباستيقافه تبين أنه «إسلام.ع.ا»، 25 سنة، حاصل على ثانوية أزهرية، ويعمل بمحال التوحيد والنور بشبرا مقيم بشارع الاشتراكية البحرى «طهطا – سوهاج»، بتفتيشه عثر بحوزته على هاتف محمول ماركة «سامسونج» يحتوى على مقاطع فيديوهات لمظاهرات جماعة الإخوان الإرهابية وبعض الصور للرئيس المعزول وأخرى مسيئة للرئيس الحالى للبلاد وصور لشعار جماعة الإخوان الإرهابية وشارات رابعة، وبمواجهة المتهم اعترف بأنه ينتمى لجماعة الإخوان، وبالكشف عنه لم يستدل له على معلومات جنائية مسجلة.

فحص الهواتف ساهم أيضًا فى القبض على 4 من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابى وبحوزتهم شارات رابعة ومقاطع فيديو تحرض على أعمال العنف وذلك بمحطة مترو المرج، وضمت قائمة المضبوطين: "صالح.ع.أ"، حاصل على دبلوم صنايع، وبحيازته هاتف محمول يحوى صورًا له رافعًا شعار رابعة وصور لبندقية خرطوش بجوار سيارة دفع رباعي، و"عطية.ع"، طالب، ويحوز هاتفا محمولا، يحوى صورًا لشخص يضع حذاءه على علم الدولة وصورة لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى وصور للرئيس المعزول محمد مرسى مدون عليها عبارات مناهضة للحكم، "خالد.ج.ا"، حاصل على دبلوم صنايع، "عبدالجواد.ط.س"، حاصل على دبلوم صنايع، وفى أثناء دخولهم محطة المرج القديمة لمترو الأنفاق، بمواجهة المتهمين بما أسفر عنه الضبط اعترفوا بتعاطفهم مع جماعة الإخوان الإرهابية.


ضرورة أمنية أم انتهاك للحريات

الحقوقى ناصر أمين، علق على تلك الوقائع بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ولأحكام القانون والدستور، وأشارإلى أنه لايوجد فى القانون نص صريح يجيز "الاشتباه السياسى"، لافتا أنه لو تم عمل محضر وذكر فيه بتفتيش الموبايل هذا الفقرة تبطل القضية بأكملها، وأضاف "أمين": "لازم الناس تتمسك بحقوقها وترفض هذه الانتهاكات الصارخة لحرية الإنسان"، موضحا أن هذه الأفعال تدخل فى خصوصية وحرية المواطن، واستكمل قائلا: "أى ضابط يعمل كده يبقى بيخالف القانون وأنه لايجوز الإطلاع على الهاتف المحمول إلا من خلال أذن من النيابة العامة".

حافظ أبوسعده، الناشط الحقوقى، قال إن قانون الإجراءات الجنائية حدد الحالات الخاصة بالاشتباه مثل موضع علامات الريبة التى تظهر على المتهمين قبل تنفيذ جريمة، فإذا كان له حق الاشتباه هذا يترتب عليه التفتيش، وعدا ذلك تصبح الإجراءات مخالفة للقانون ولا يعتد بها، وأضاف "أبوسعده" أن كثير جدا من حالات الاشتباه تكون مخالفة للقانون والدستور، ومن تعدى على الحرية الشخصية يصبح تحت طائلة القانون، ولفت الناشط الحقوقى إلى أن الامتناع عن تفتيش الهاتف المحمول سيزيد الإصرار على تفتيشه ومن الممكن أن تحدث مشاجرة ويتم عمل قضية "مقاومة سلطات"، ويكون الحل الأمثل من وجه نظره أن يمتثل لطلباته ويثبت ذلك فى محضر رسمى للمطالبه بالتعويض.
نقلا عن اليوم الجديد

تعليقات

المشاركات الشائعة