المستشار الشامي.. من ثورة الجياع إلى التخابر


نقلا عن الوطن
ملامحه الهادئة التي حفر الزمن آثاره عليها، وتخفيها نظارته الطبية على وجهه، لتحجب عينين أرهقهما البحث في أوراق القضايا، والتنقل بين أروقة المحاكم والنيابات، متخذًا من الآية القرآنية الكريمة "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"، التي تتوسط قاعات المحاكم، مبدأ في حياته لإعلاء قيم العدالة، ولقراراته التي اتسمت بـ"الحسم"، فلم يتأخر في القصاص من رموز نظامي مبارك ومرسي عقب ثورتي الشعب المصري، إلا أنه طوال حياة المستشار شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، شغلت القضايا التي تولاها الرأي العام، لما كان لها من أهمية كبرى.
في عام 1975 تخرَّج المستشار شعبان عبدالرحمن محمد الشامي، في كلية حقوق عين شمس بتقدير "جيد جدًا"، ليتم تعيينه معاون نيابة في عام 1976، ثم تتم ترقيته عام 1981 لمنصب رئيس نيابة، ثم نقل للعمل قاضيًا في المحاكم الابتدائية ثم عاد مرة أخرى إلى النيابة العامة، رئيسًا لنيابة شمال القاهرة، ثم عمل مستشارًا بمحاكم الاستئناف، ثم بمحاكم الجنايات منذ عام 2002.
منذ التحاقه بسلك القضاء عمل "الشامي" في عدد من القضايا المهمة، فبدءًا من قضية "ثورة الجياع" الذي أطلق عليها السادات حينئذ "ثورة الحرامية"، في 18 و19 يناير 1977، كما تولى التحقيق في قضية "الفتنة الطائفية" بالزاوية الحمراء عام 1981، ثم قضية "كنيسة مسرة بشبرا" عام 1981 عندما قام المتهمون من الجماعات الإسلامية بإلقاء قنبلة على الكنسية، كما حقق في القضية المسماة إعلاميًا بـ"الفتنة الطائفية" بمركز شرطة سونورس بالفيوم.
في عام 1994، كان المستشار الشامي أول من تعامل بالتكنولوجيا في مجال القضاء، وأدخل جميع القضايا التي تداولها وأصدر فيها أحكامًا على الكمبيوتر، وأصدر حكمًا بالإعدام عام 2002 على قتلة شقيقتي البساتين المتهم فيها مدرب الكونغ فو محمد فضل وزوجته، وتم تنفيذ الحكم عليهما، ثم قضية مقتل "تاجر الكهرباء" المتهم فيها الدكتور محمد الغريب، أستاذ أمراض الباطنة بجامعة عين شمس، حيث قتل المجني عليه في العيادة في شهر رمضان بمساعدة التمرجي وأصدر حكمًا بالإعدام شنقًا.
يتوسط المنصة لينطق بالحق من جديد، حاكمًا في قضيتين من أهم القضايا التي يواجههما الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، هما التخابر مع منظمات أجنبية، والهروب من سجن وادي النطرون، يتذكر الماضي القريب، وكيف قضى بالقول الفصل في عدة قضايا، أبرزها إخلاء سبيل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في قضية الكسب غير المشروع، ورفض الطعن المقدم من النيابة العامة وقتها بحبسه على ذمة القضية، وذلك بعد أن أحيل له ملف القضية بعد تنحي دائرة أخرى عن نظرها لاستشعارها الحرج، فتمت إحالة القضية إليه ليصدر قراره.
الأرشيف القضائي لـ"الشامي"، زاخر بقضايا تشبه تلك التي سيفصل بها، قضايا تتعلق بالأمن القومي والإرهاب الذي يواجهه الوطن، فقد سبق أن أصدر حكمًا بمعاقبة أحمد عرفة عضو حركة "حازمون" بالسجن المؤبد وتغريمه 20 ألف جنيه غيابيًّا، وذلك في اتهامه بحيازة سلاح آلي وطلقات نارية، فيما أصدر حكمًا بتأييد قرار النائب العام المستشار هشام بركات، بمنع التصرف في أموال كل من الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والمهندس خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد، والدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل، و22 آخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
"الشامي" رفض الاستئناف المقدم من خيرت الشاطر، وسعد الحسيني، وأحمد أبو بركة، و17 آخرين، من قيادات جماعة الإخوان المسملين، على حبسهم بتهمة الاشتراك في القتل وبث دعايات كاذبة من شأنها المساس بالسلم والأمن العام، والانضمام إلى جماعة محظورة، وتنحى عن قضية المصور الصحفي أحمد جمال زيادة و70 من طلبة جامعة الأزهر، لوجود مانع قانوني للدائرة لأن تنظر القضية بسبب أن العضو اليسار ابنه وكيل نيابة محقق في القضية، وهو يعتبر أن معاملته مع مرسي، خلال محاكمته في القضيتين الحاليتين بـ"الإنسانية".
المستشار الشامي قضى بإعدام ثلاثة أشخاص بينهم أجنبي بعد إدانتهم بتهم من بينها التخابر مع تنظيم القاعدة لتنفيذ هجمات ضد قوات الجيش وسفارات في مصر، كما طرد أحد الضباط المكلفين بتأمين قاعة المحكمة، وذلك عقب مشاهدته يشعل سيجارة أثناء سير الجلسة، قائلاً: "إيه الهبل ده.. إحنا مش في قهوة هنا".

تعليقات

المشاركات الشائعة