وزير العدل يقضي بالإعدام على ابن الزبال



ن
أثارت تصريحات المستشار صابر محفوظ، وزير العدل، موجة عارمة من الغضب الشعبي بشأن عدم أحقية ابن عامل النظافة في أن يعتلي منصة القضاء، معتبرين أنه بذلك يخالف الدستور ويحتقر فئة من المجتمع المصري كان يجدر به أن يحترمها، واصفين تصريحاته بأنها تمييز طبقي وعنصري يخالف نصوص الدستور والقانون، منددين بما أسموه تناسي "الوزير" لـ" معيار الكفاءة"، والحكم على شباب كافح رغم ضغوط الحياة وأصر على التفوق، مؤكدين أنه من هنا يتولد الإرهاب من رحم الاضطهاد والضغط النفسي والظلم الاجتماعي، لتصنع الدولة جيلا عدوانيا ناقما على مجتمع ظالم ما زال يتعامل من منطلق ابن الباشا خير وأحب إلى القضاء من ابن الخفير، وكأنها دعوة لأن يبقى ابن الفقير على فقره وابن الجاهل على جهل ابيه وابن المجرم مسجلا خطرا، ثم نعود ونعقد مؤتمرات ونصرف مليارات لطرح حلول لمشاكل هؤلاء.
التصريح الأزمة:
قال المستشار محفوظ صابر خلال مداخلة هاتفية مع أحد البرامج الفضائية: إن "ابن عامل النظافة لا يمكن أن يصبح قاضيا أو يعمل بمجال القضاء، لأن القاضي لابد أن يكون قد نشأ في وسط اجتماعي مناسب يؤهله لهذا العمل".
الوزير يخالف الدستور:
والسؤال: لماذا التضارب؟ وكيف يخالف وزير العدل "رجل القضاء الأول" والقدوة، نص الدستور المصري في مادته الـ53 والتي تنص على: "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر"؟! وكيف غرد وزير العدل بعيدًا عن منظومة تنادي بالمساواة وعدم التمييز.؟!
عامل النظافة:
عامل النظافة بشر من بني جلدتنا يمشي على قدمين وله عينان، وليس كائنا فضائيا دخيلا على كوكب الأرض، وهو الرجل البسيط المكافح الذي تحدى الدنيا وقسوة الظروف من أجل أن يرى الثمرة في أحد أبنائه، أب يحلم بأن يكون له ولد متفوق يرتقي السلك الدبلوماسي أو القضائي ليصبح يوما شخصية مرموقة ونموذجا للكفاح والنجاح، ورفض لابنه نفس المصير وحارب واقتطع من قوت يومه ليعلم صغاره حتى ينافسون أبناء الطبقة العليا المدللين ويتفوقوا عليهم ليكونوا سادة على الجميع.
ابن عامل النظافة من هو ؟
هو شاب لم يخجل من عمل ولده، تربى على الفقر وربما الجوع في محيط يعج بالقاذورات والروائح الكريهة، لم ينعم بزي من الحرير لم يتعرف على ماركة" أديداس" لم يدخل "كنتاكي" أو "كوك دور" وربما دخلها ليحمل مخلفات الغير على ظهره، ليوفر مصاريف جامعته وينطلق نحو مستقبله في الصباح، شاب لم يعرف للانحراف والمخدرات طريقا، وانكفأ على كتبه، وظل يحصد نجوما وتقديرات إلى أنهى مسيرته بتفوق، ظنا منه أنه سيصبح قاضيا يوما ويرد الجميل للشيخ "الزبال"، دون أن يعي أننا في مجتمع منافق يعاني الانفصام يقول ما لا يفعل ويأمر بالمنهي عنه.
ويبقي السؤال: من الذي فرض الوسط البيئي على ابن الزبال؟ أليس مجتمعه الكبير وحكومته التي لم تجبر فقره ولم تقدم له العون في أن يحصل على أعلى الشهادات، أليست الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة هي التي أعاقته عن أن يصبح مستشارا أو لواء بالشرطة أو الجيش أو وزير، أم أن الفقر جريمة تستوجب الإعدام من دون نقض أو طعن.
وقال أحمد طنطاوي ابن أحد العاملين بجمع القمامة، 27 عاما، حاصل على بكالوريوس تجارة: تركت الميري وترابه بعدما حصلت على شهادة النسر الفاشلة، وكونت نفسي ومستقبلي وركبت عربية واشتريت شقة من الزبالة، ولم أحمل الدولة الفقيرة جنيها واحدا، ورغم كدا مش عاجب.
وأضاف: منتهى التناقض أن يحكم شيخ القضاة على أبرياء بالإعدام لمجرد أنهم أبناء زبالين، مؤكدا أن ابن العامل الذي حمل كتابه على كتفه و"قفته" على الكتف الآخر، أرجل من أبناء النخبة الذين حملوا في أعناقهم سلاسل وفي أيديهم الآنسيالات وكلاب لولو
وقال شحات المقدس، تاجر بمشروع الفرز من المنبع: ليس من أولادنا نائب برلمان سارق، ولا مسئول مرتشٍ، ولا إرهابي حارق، أبناؤنا أشطر من أبناء المسئولين، وفي شهادتهم ودرجاتهم وإقصائهم ظلم في دولة تتحدث عن العدل، فما ذنب ولدي في أنني لم أتعلم وخرجت للدنيا من دون ورقة ولا قلم، أيكون جزاؤه أن يكون مثلي جاهل؟، محمد ما قهر فقيرا وعيسي ما استهان بعامل، العار كل العار على من تربى بشوكة وسكينة من حرام أما أولادنا اتربوا على الحلال حتى لو كانت ريحته وحشه.
وأكد،أحمد السكري، 36 عاما، يعمل في مجال تدوير القمامة مند 17 عاما، أن لديه 3 ابناء أصر على أن يتعلموا بمدارس "لغات" ومن الظلم أن يجعل وزير للعدل معيار الاختيار هو "الفقر"، مؤكدا أن تصريح الوزير يعد اضطهاد وضربة قاضية لشباب ناجح طموح يستوجب عليه الاعتذار وقرار بمنح ابناء العاملين الحق في التعيين بالسلك القضائي والدبلوماسي كرد اعتبار.
عم محمود جاب الله، 58عاما، يعمل في أحدي شركات النظافة، اختصر كلماته بـ "حسبي الله ونعم الوكيل " يعنى ظهري ينحني 60 سنة واجوع وأتعري لأجل ما ابني ياخد شهادة عالية وفي الاخر تقولوا له "يفتح الله"، طيب لو انا ما خرجتش الفجر كل يوم وشيلت زبالة الوزير والدكتور والظابط والناس الكبيرة، مين هيشيلها متابعا "الله تعفنوا وتردمكم الزبالة وتأكلكم.
من جانبه استقبل أمين حسن، النقيب العام للنقابة العامة للعاملين بالنظافة وتحسين البيئة، تصريحات الوزير بالغضب قائلا: "تفكيرك غلط وكلامك غلط في غلط، وإن غدا لناظره قريب، ووحدك من ستتحمل النتائج والتبعات، لأنك بذلك ستجعل العاملين في هذا المجال سيفرون منه، ووقتها "ابقى هات خريجي وحملة ماجيستير يشيلوا زبالة البلد".
وتابع أمين: كان الأولى بالوزير أن يشجع أبناء العاملين ويكرمهم ويكرم أباءهم، فلولا هؤلاء لغرقت مصر في جبال الزبالة، مطالبا الوزير بالتحقيق مع من سرق ونهب وقتل وحرق ودمر، بدلًا من اضطهاد أبناء الفقراء الأبرياء بالتصريحات الحارقة."
وفيما يخص أبناء العاملين فأكد النقيب أن النقابة لديها مقترح تقدمت به لوزير التعليم الفني لدمج قطاع العاملين بالنظافة للتعليم الفني، وأن يكون هناك خريج قسم نظافة يتم استخدامه في مصانع عملاقة لتدوير القمامة لحل الأزمة، معلقا "هو دا تفكير الزبالين ونقيب الزبالين يا وزير".
قلا عن البوابة نيوز

المشاركات الشائعة